أصبح الذكاء الاصطناعي، الذي أحدث ثورة في مختلف القطاعات، أداة مزدوجة التأثير بين تحسين الأداء وتعزيز الهجمات السيبرانية. فقد كشف تقرير حديث أعدته شركة كاسبرسكي عن تصاعد قلق الشركات الفرنسية من تزايد الهجمات التي تستغل إمكانات الذكاء الاصطناعي، وسط ثغرات واضحة في جاهزية المؤسسات للتصدي لهذه التحديات.
وفقًا للدراسة، أبلغ 87% من الشركات الفرنسية المستجوبة عن ارتفاع معدل الهجمات السيبرانية خلال العام الماضي، بينما يرى 52% من المشاركين أن الذكاء الاصطناعي ربما لعب دورًا رئيسيًا في هذه الهجمات. هذا الاستخدام المتقدم للتكنولوجيا من قبل مجرمي الإنترنت يزيد من تعقيد المشهد الأمني السيبراني ويضع المؤسسات أمام تهديدات أكثر تعقيدًا.
أظهرت الدراسة أن الشركات تواجه عدة تحديات في مجال الأمن السيبراني، حيث يعاني أغلبها من نقص في الموارد الضرورية لمواجهة التهديدات المتطورة. إذ تبين أن عددًا كبيرًا من المؤسسات لا تستثمر بالشكل الكافي في تدريب موظفيها بشكل مستمر، كما تفتقر العديد منها إلى الخبرة الخارجية الضرورية في مجال الأمن السيبراني أو إلى الحلول التقنية المناسبة. بالإضافة إلى ذلك، تعاني الفرق التقنية في هذه الشركات من نقص في عدد المستخدمين وفي الكفاءات العالية، مما يزيد من صعوبة التصدي للهجمات السيبرانية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وعلى الرغم من اعتراف غالبية المشاركين بأهمية تعزيز هذه الجوانب، إلا أن الكثير منهم لم يتخذ بعد التدابير اللازمة لسد هذه الفجوات.
لمواجهة هذه التحديات، أوصى المشاركون بتبني تدابير أساسية لتعزيز الدفاعات السيبرانية، مثل تنظيم دورات تدريبية دورية، وتوظيف كوادر مؤهلة، واعتماد حلول أمنية متطورة. وأكد 83% منهم على أهمية الاستعانة بخبراء خارجيين لتحسين حماية البنية التحتية.
أوضح أوليغ غوروبيتس، الخبير في كاسبرسكي، أن على الشركات إعادة النظر في استراتيجياتها الأمنية عبر التركيز على تعزيز بنياتها التحتية باستخدام تقنيات مثل منظومة الكشف والاستجابة الموسعة (XDR)، إضافة إلى توفير التكوين المستمر لموظفيها في مجال الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي. وأكد أن تحسين الوعي بالمخاطر وتطوير المهارات يمكن أن يضيف طبقات حماية ضرورية تقي المؤسسات من تهديدات متزايدة التعقيد.
في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم الرقمي، يبقى التوازن بين الاستفادة من الذكاء الاصطناعي وحماية المؤسسات من مخاطره تحديًا جوهريًا يتطلب استجابات سريعة وشاملة.