يشهد العالم تطورًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي، الذي يغير وجه العديد من القطاعات، لكنه يثير تساؤلات حادة حول تأثيره البيئي. وفقًا لتقرير حديث صادر عن شركة Deloitte، من المتوقع أن يتضاعف استهلاك الطاقة المرتبط بالذكاء الاصطناعي بمقدار يتراوح بين 4 و9 مرات بحلول عام 2050، ليصل إلى 3,550 تيراواط/ساعة سنويًا. هذا الرقم يعادل نحو ثمانية أضعاف استهلاك الكهرباء في فرنسا عام 2023.
توقعت Deloitte مسارين محتملين لتطور استهلاك الطاقة:
- السيناريو الأول: تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل معتدل يقتصر على الأنظمة الأكثر كفاءة، حيث سيصل استهلاك الطاقة إلى 1,680 تيراواط/ساعة بحلول 2050.
- السيناريو الثاني: انتشار سريع وشامل للتقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة، ما سيؤدي إلى استهلاك يصل إلى 3,550 تيراواط/ساعة، وهو ارتفاع كبير مقارنة بـ382 تيراواط/ساعة استهلكت عام 2023.
تظهر التوقعات تباينات كبيرة بين المناطق:
- آسيا والمحيط الهادئ: من المتوقع أن تواصل ريادتها في استهلاك الطاقة المرتبط بمراكز البيانات، مع زيادة الاستهلاك إلى 435 تيراواط/ساعة سنويًا بحلول 2030.
- أمريكا الشمالية: سيقفز استهلاك مراكز البيانات من 3.9% إلى 10.3% من إجمالي استهلاك الكهرباء بحلول 2050.
- أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط: النمو سيكون أبطأ، متأثرًا بالقيود المناخية وقلة الموارد في بعض المناطق.
رغم الجهود المبذولة لاعتماد الطاقات المتجددة، تبقى مراكز البيانات في الولايات المتحدة من بين الأكثر إنتاجًا للكربون عالميًا. وتشير دراسة أجراها باحثون من جامعة هارفارد إلى أن 95% من مراكز البيانات الأمريكية تقع في مناطق تعتمد على كهرباء عالية الكربون. وفي عام 2023، كانت كثافة الكربون لمراكز البيانات الأمريكية أعلى بنسبة 48% مقارنة بالمعدل الوطني، بحسب MIT Technology Review.
مع تسارع وتيرة انتشار الذكاء الاصطناعي، يبرز تحدي تقليل البصمة الكربونية لمراكز البيانات. يعتمد ذلك على تعزيز التحول نحو الطاقات المتجددة وتحسين كفاءة الخوارزميات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي.
يبقى السؤال الكبير: كيف يمكن تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والمسؤولية البيئية؟ الإجابة ستحدد ما إذا كان الذكاء الاصطناعي سيظل أداة للتطوير أم عبئًا على البيئة.