في تطوّر خطير يُسلّط الضوء على تصاعد الهجمات السيبرانية، كشفت شركة “كاسبرسكي” للأمن الرقمي عن تسريب بيانات ما يزيد عن 7 ملايين حساب على منصات البث التدفقي الشهيرة، وذلك خلال عام 2024. وأفاد تقرير حديث صادر عن الشركة أن من بين هذه المنصات كلّاً من نتفليكس، وديزني+، وأمازون برايم فيديو، إلى جانب Apple TV+ وMax.
وتزامن هذا الاكتشاف مع التزايد الكبير في اعتماد فئة الشباب، خاصةً من الجيل Z الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و30 عامًا، على هذه المنصات كجزء من حياتهم الرقمية اليومية. إذ باتت هذه الخدمات تمثل ركيزة للتفاعل الاجتماعي، ومصدراً رئيسيًا لفهم العالم والتعبير عن الذات، ما يجعلهم عرضة لهجمات رقمية تستغل هذا الارتباط الوثيق.
ووفقًا لكاسبرسكي، فإن التسريبات لم تكن نتيجة اختراق مباشر لهذه المنصات، بل جاءت عبر برمجيات خبيثة تُدرج غالبًا في ملفات مقرصنة، أو إضافات متصفح مشبوهة، أو تطبيقات ملوثة. وتعمل هذه البرمجيات على سرقة بيانات الدخول والمعلومات الشخصية من دون علم المستخدم، ما يفتح الباب أمام مخاطر أكبر مثل سرقة الهوية والاحتيال المالي.
أظهرت البيانات أن منصة نتفليكس تصدّرت قائمة المنصات المتضررة، حيث تم رصد أكثر من 5.6 مليون حساب مخترق، وتركزت أعلى نسب التسريبات في البرازيل، تليها المكسيك ثم الهند. أما في أوروبا، فقد كانت فرنسا في المقدمة بـقرابة 50 ألف حساب متضرر.
لم تسلم ديزني+ من الهجمات، حيث تم تسريب ما مجموعه 680,850 حسابًا، مع تكرار نمط التوزيع الجغرافي ذاته. من جهتها، سُجلت 1,607 حالة اختراق فقط مرتبطة بأمازون برايم فيديو، لكن المنصة تظل محطّ اهتمام من قبل شريحة الشباب الباحثين عن محتوى مغاير.
وتحذّر كاسبرسكي من أن اختراق حساب بث بسيط قد يكون مدخلًا لهجمات أوسع نطاقًا، حيث تُباع البيانات المسروقة على الويب المظلم، وتُستخدم في هجمات لاحقة تتعدى منصات الترفيه لتصل إلى الحسابات البنكية والبريد الإلكتروني والخدمات الأخرى المرتبطة بذات بيانات الدخول.
وفي استجابة لهذا الواقع المقلق، أطلقت كاسبرسكي تجربة إلكترونية تفاعلية توعوية تحت عنوان “Case 404”، وهي لعبة موجهة للفئة العمرية 15-30 عامًا، تسمح للمستخدمين بلعب دور محققين رقميين في سيناريوهات مستوحاة من الجرائم السيبرانية الواقعية. وتُعد هذه المبادرة جزءًا من استراتيجية توعوية ترمي إلى تمكين الجيل Z من المهارات الرقمية اللازمة لمواجهة التهديدات الإلكترونية.
وتمنح اللعبة المشاركين خصمًا خاصًا على اشتراك Kaspersky Premium، لتعزيز أمنهم الرقمي عبر حلول احترافية.
وتشدد كاسبرسكي على أهمية اعتماد تدابير وقائية شاملة، لا تقتصر فقط على كلمات مرور قوية، بل تشمل أيضًا:
- تأمين الأجهزة ضد البرمجيات الخبيثة
- الابتعاد عن تحميل المحتويات غير الرسمية أو المقرصنة
- التحقق من موثوقية الروابط والمواقع
- تفعيل المصادقة الثنائية أينما أمكن
وفي الختام، تقول كاسبرسكي إن البث التدفقي لم يعد مجرد ترفيه، بل أصبح امتدادًا لهوية الشباب، وهو ما يتطلب وعيًا رقميًا متزايدًا لحماية هذه الهوية من مخاطر العالم السيبراني.