الضغط، التعب، التوتر: هل يمكن أن يكون نقص الماء مساهمًا أكثر مما تظن؟

تُعزى شرب كميات كافية من الماء غالبًا إلى زيادة الطاقة والتركيز أو الحصول على بشرة صحية. لكن دراسة علمية حديثة تشير إلى رابط أقل وضوحًا ولكنه أساسي: قد تؤدي قلة الترطيب إلى زيادة مستوى الإجهاد البيولوجي، حتى عندما لا نشعر بمزيد من القلق.
يعتقد باحثون من جامعة جون مورز في ليفربول أن عدم شرب كمية كافية من الماء يمكن أن يؤدي إلى زيادة كبيرة في هرمون الكورتيزول، هرمون الإجهاد، مع آثار محتملة على الصحة على المدى الطويل.
ترطيب غير كاف: إجهاد غير مرئي للجسم
تناولت الدراسة، التي نُشرت في مجلة علم وظائف الأعضاء التطبيقية، 100 بالغ بصحة جيدة تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عامًا. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين وفقًا لاستهلاكهم اليومي من الماء:
- مجموعة ضعيفة الترطيب، تستهلك في المتوسط 1.3 لتر يوميًا;
- مجموعة مُرطَّبة جيدًا، تستهلك حوالي 4.4 لتر يوميًا.
على مدى أسبوع، تابع الباحثون بدقة عادات الترطيب باستخدام زجاجات متصلة ومجلات يومية، قبل أن يخضعوا المشاركين لاختبار إجهاد معتمد يُستخدم في المختبر.
نفس القلق المُحس بنسبة متقاربة، لكن ليس نفس الإجهاد الهرموني
خلال الاختبار، وُضع المشاركون في موقف مُجهِد عمدًا، قريب من مقابلة عمل، مع التحدث والقيام بحسابات عقلية أمام لجنة. وكانت النتيجة مفاجئة:
- مستوى القلق المُحس كان مشابهًا في كلا المجموعتين;
- كان معدل ضربات القلب يزيد بشكل مشابه أيضًا.
ومع ذلك، ظهرت اختلافات كبيرة على المستوى البيولوجي. فقد أظهر فقط المجموعة التي شربت كميات قليلة من الماء زيادة ملحوظة في مستوى الكورتيزول، بمعدل أعلى بحوالي 55٪ مقارنة بالمشاركين الذين كانوا مُرطَّبين جيدًا.
بمعنى آخر، كان الجسم يتفاعل وكأنه أكثر إجهادًا، حتى وإن لم يكن الشخص يدرك ذلك بالضرورة.
لماذا يزيد نقص الماء من مستوى الكورتيزول؟
عندما يفتقر الجسم إلى الماء، يقوم بتفعيل آليات للبقاء. يُطلق هرمونًا يُدعى فازوبريسين، الذي يساعد الكلى في الاحتفاظ بالماء. لكن هذا الهرمون يُشغل أيضًا سلسلة من ردود الفعل:
- تحفيز الغدة النخامية;
- إنتاج الـ ACTH;
- ثم الإفراز المتزايد لالكورتيزول.
تشرح هذه الآلية سبب كون القلة في الترطيب تعمل كإجهاد فيزيولوجي، حتى في غياب الضغط العاطفي الفوري.
عواقب محتملة على الصحة على المدى الطويل
مستوى الكورتيزول المرتفع بشكل متكرر ليس بالأمر الهين. على المدى الطويل، يرتبط بـ:
- زيادة الدهون في البطن;
- زيادة خطر الإصابة بالسكري;
- اضطرابات القلب والأوعية الدموية;
- إرهاق مزمن وتراجع في القدرة على التعافي.
لذا، عدم شرب كميات كافية من الماء لا يقتصر على شعور العطش أو جفاف الفم: فقد يؤثر على التوازن الهرموني والرفاهية العامة.
كم من الماء يجب أن نشرب يومياً؟
وفقًا لتوصيات الأكاديميات الوطنية الأمريكية للعلوم:
- حوالي 3.7 لتر يوميًا للرجال;
- حوالي 2.7 لتر يوميًا للنساء.
تشمل هذه الكميات الماء الموجود في الطعام، لكنها تبقى مرجعًا مفيدًا لتجنب نقص الترطيب المزمن.
خطوة بسيطة لإدارة الإجهاد بشكل أفضل
بالنسبة للمستهلك، الرسالة واضحة: الترطيب هو أداة بسيطة، متاحة وغالبًا ما يتم التقليل من قيمتها في إدارة الإجهاد اليومي. قبل عزو التعب، أو التهيج، أو التوتر المستمر إلى وتيرة الحياة المزدحمة، قد يكون من المفيد طرح سؤال أساسي: هل شربت كميات كافية اليوم؟
دون استبدال أسلوب حياة صحي أو متابعة طبية، قد يساعد شرب المزيد من الماء الجسم على مواجهة المواقف المجهدة بشكل أفضل، بصمت ولكن بفعالية.






