الإنترنت عبر الأقمار الصناعية: المغرب سيكون قائد إفريقيا في المستقبل

يُعَدُّ المغرب وجهة متزايدة الجاذبية للاستثمارات الأمريكية والأوروبية في مجال الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، وهو سوق يشهد توسعًا هائلًا من شأنه أن يُحدث ثورة في الاتصال داخل المملكة وعلى كامل القارة الأفريقية. تحليل.
تحدٍ جيوستراتيجي رئيسي
لم تَغِبْ زيارة الجنرال الأمريكي مايكل إليوت لانغلي، قائد القيادة العسكرية الأمريكية في إفريقيا (US Africom)، إلى المغرب عن الأنظار. فقد كانت طائرته الخاصة تحمل شعار ستارلينك، وهي شركة تابعة لـ SpaceX متخصصة في الإنترنت عبر الأقمار الصناعية. لتظهر هذه الزيارة الاهتمام المتزايد للعملاق الأمريكي بالسوق المغربية، التي تُعتبر بوابة لتوسيع خدماته في إفريقيا. تسعى ستارلينك للحصول على التصاريح اللازمة لتوفير اتصال عالي السرعة للمملكة، حيث تتمتع SpaceX بوجود قوي بالفعل في المجال الفضائي.
في شتنبر 2024، أطلق صاروخ Falcon 9 التابع لـ SpaceX أول الأقمار الصناعية الجامعية المغربية، “UM5-EOSat” و”UM5-Ribat”. تُعتبر هذه الخطوة نتيجة شراكة بين جامعة محمد الخامس بالرباط والعديد من المؤسسات المغربية، وتُمثل نقطة تحول في اندماج المغرب في قطاع الفضاء العالمي.
المغرب في قلب ثورة تكنولوجية
تعتمد ستارلينك على كوكبة من الأقمار الصناعية في مدارات منخفضة، وتهدف إلى تحقيق طموحها ببلوغ 12,000 قمر صناعي بحلول 2025 و42,000 في النهاية. ومع وجود 4 ملايين مشترك في شتنبر 2024، قد يُحدث هذا الشبكة تغييرًا جذريًا في الوصول إلى الإنترنت في إفريقيا، خاصة في المناطق الريفية التي تعاني من ضعف البنية التحتية الأرضية.
لكن السوق لا يقتصر فقط على الاتصال المحلي. تسعى ستارلينك أيضًا لتوفير الإنترنت على متن الطائرات التجارية. فمن خلال هذه التقنية، سيتمكن الركاب من تصفح الإنترنت، مشاهدة الفيديوهات أو الدردشة عبر الإنترنت أثناء الطيران، بما في ذلك في المجال الجوي المغربي.
شراكة استراتيجية فرنسية مغربية
لا يراهن المغرب فقط على الفاعلين الأمريكيين. في أكتوبر 2024، تم توقيع اتفاقية هامة بين المشغل المغربي “Panafsat” والشركة الفرنسية الإيطالية “Thales Alenia Space”. تهدف هذه الشراكة إلى تصميم قمر صناعي للاتصالات لتوفير الاتصال عالي السرعة لـ 26 دولة أفريقية، مما يؤثر على أكثر من 550 مليون شخص.
خلال حفل التوقيع، أكد الرئيس التنفيذي لـ “Panafsat”، أحمد التومي، أن هذا المشروع سيُحول وصول الإنترنت في إفريقيا ويسرع التنمية الرقمية للقارة. بينما أشاد هيرفي ديري، رئيس “Thales Alenia Space”، بالتعاون الذي سيعزز السيادة الرقمية الأفريقية ويحفز النمو الاقتصادي.
إرث فضائي يتطور باستمرار
إن الطموح المغربي في المجال الفضائي ليس حديث العهد. في عام 2001، أطلق المغرب أول قمر صناعي له، “Zarkae Al Yamama”، تبعه إطلاق أقمار الاستطلاع “محمد السادس – أ” و”محمد السادس – ب” في 2017 و2018. اليوم، مع تصاعد أهمية الأقمار الصناعية الصغيرة، تمتلك الجامعات والشركات المغربية أدوات أكثر وصولًا للابتكار في مجال الفضاء.
مع هذه التقدمات، يُعزز المغرب موقعه ك مركز تكنولوجي لا غنى عنه للاتصال عبر الأقمار الصناعية في إفريقيا. تم إطلاق السباق، ويبدو أن المملكة على الطريق الصحيح للعب دور رئيسي في هذه الثورة الرقمية.