هل سيكون السائقون الجيدون (الذين يحترمون قانون السير) ضحايا ما تخططه شركات التأمين مستقبلا؟ فخلال تقديم النتائج السنوية لتلك الشركات (سهام للتأمين، تأمينات الوفاء…) لم يخف مسؤولوها شعورهم بالقلق حيال ارتفاع نسبة حوادث السيارات بالمغرب، ولم يستبعدوا اللجوء إلى تعديل أسعار تأمين السيارات للحفاظ على توازنهم المالي، وأيضا تشديد المراقبة لمكافحة الغش.
مولاي امحمد العلمي، المدير العام ل”سهام للتأمين”، صرح بأن مشكل الرفع من أسعار التأمينات بالسوق المغربي جراء ارتفاع نسبة التصاريح بحوادث السير، هو أمر معقد، حيث أن حظيرة السيارات تتجدد والمغاربة أصبحوا يشترون بشكل كبير سيارات جديدة، وفي المقابل هناك اكتظاظ داخل الطرقات خاصة بالمدن الكبرى نتيجة عدة عوامل من بينها الأشغال والأوراش المفتوحة مثل الطرامواي، مما يؤدي إلى ارتفاع حوادث السير، وبالتالي أصبح تصليح هذه السيارات الجديدة مكلفا بالنسبة لشركات التأمين، إذ أن هناك فرق شاسع بين إصلاح سيارة عمرها 15 سنة وأخرى تقل عن السنة.
وقال العلمي إنه لحد الآن لم ترفع شركات التأمينات أسعار منتجاتها جراء ذلك، وبالتالي فهي التي تتحمل لوحدها عواقب تفاقم حوادث السير بالمغرب، لكنه خلص إلى أن الرفع من أسعار أقساط التأمين من عدمه يعد إشكالا حقيقيا لدى مهنيي القطاع، والحل في نظره هو الاستثمار في التحسيس بالوقاية من هذه الحوادث لدى المغاربة، واعتماد سياسة القرب لدى الزبون وتحفيزه على السياقة السليمة.
من جانبهم أكد مسؤولو تأمينات الوفاء، أن أرباح الشركة تراجعت خلال السنة الماضية بسبب ارتفاع نسبة تصاريح حوادث السير، حيث تقرهقرت أرباح فرع التجاري وفابنك في مجال التأمين على غير الحياة بنسبة 18 في المائة وفقدت أزيد من 786 مليون درهم في سنة، مؤكدين أن السبب الرئيسي هو حوادث السير، مبرزين أن أسعار منتجات التأمين الخاصة بالسيارات شهدت خلال السنين القليلة الماضية تراجعا نتيجة المنافسة الشرسة داخل القطاع، وفي نفس الوقت سجلت نسبة التصاريح (الصحيحة والاحتيالية) الخاصة بحوادث السير ارتفاعا ملحوظا، وهو ما جعل المهنيين يقترحون أن تكون هناك تسعيرة تفضيلية للسائقين الجيدين وأسعار مرتفعة بالنسبة للسائقين كثيري الحوادث.
من جانبه أكد عثمان العلمي، الكاتب العام لهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي ACAPS أن نسبة التصاريح بحوادث السيارات خلال السنة الماضية بلغ معدل نموها 25٪ ، وهو الوضع الذي يقلق مهنيي القطاع، مشيرا أن نسبة الحوادث المتعلقة بالسيارات ارتفعت بين عامي 2015 و 2016. وبالتالي ارتفعت التكلفة الإجمالية المتعلقة بالتأمين على المسؤولية الاجتماعية والضمانات الأخرى ذات الصلة بنسبة 14٪.
كما زادت تكلفة الخدمات المرتبطة بالضمانات الإضافية بنسبة 25٪. وبشكل عام، يورد المهنيون، هناك تفاقم في نسبة الخسارة في مجال التأمين ضمن فئة السيارات، ولم يستبعدوا ضرورة إجراء تعديلات على الأسعار للحفاظ على توازنهم المالي، وأيضا تشديد المراقبة لمكافحة التدليس. وقد تم إطلاق دراسة من قبل المتخصصين في هذا القطاع لتحديد أسباب هذا الارتفاع في تكلفة الخدمات المرتبطة بالضمانات، والتي ستقدم قريبا، وعلى إثرها سيتم تحديد الإجراءات التي ستعتمدها الشركات للحد من الخسائر التي تكبدونها سابقا، فهل يكون السائق المتزن أول الضحايا؟
تعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى