60 مليون مستهلك: منتجات “البيو” ليست كلها نظيفة
مثلما يبحث البعض عن كلمة “حلال” على متن المنتجات الغذائية ليقوم باستهلاكها، كذلك يقوم آخرون بالتثبت من وجود كلمة Bio وOrganic على المنتجات الاستهلاكية قبل شرائها، وكما يرى البعض أن الأطعمة الحلال هي التزام بالشرع يرى البعض الآخر في الغرب خاصة، أن الأغذية العضوية هي التزام بمسؤولية تجاه صحة أجسامهم أولاً وسلامة الكوكب ثانيًا. حتى لم يعد يخلو رف من رفوف متاجر الأطعمة منها، وأصبحت مرادفًا للأغذية ذات الجودة العالية، ولنمط حياة متميز باختلافه، وهو ما يجعل أسعارها باهظة.
وتعرّف الأغذية العضوية على أنها الأطعمة المنتجة بطرق لا تتضمن إضافات صناعية دخيلة وغير طبيعية، من مبيدات حشرية صناعية وسماد كيماوي، أو تلك التي يتم تعديلها خلال إنتاجها بالتعريض إلى الإشعاعات أو المذيبات الصناعية أو الاضافات الكيماوية. حيث يمكن اعتبار كل ما كان يزرع قبل القرن الماضي “بالعضوي” استنادًا إلى أساليب زراعته التقليدية، إلى أن شاع استخدام “الكيماويات” لتضاف إلى الأغذية، فنشأت في الأربعينيات «حركة الطعام العضوي» كرد فعل على الطفرة الصناعية التي غيرت أساليب الزراعة. ويخضع إنتاج الأطعمة العضوية صناعيًا وتجاريًا لقوانين ناظمة، ويختلف عن الزراعة المنزلية. ففي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا واليابان وبلدان أخرى، يتوجّب على المنتجين الحصول على شهادة زراعة عضوية لتسويق منتجاتهم تحت هذا المسمى ضمن حدود تلك البلدان. وفي سياق تلك القوانين، يُنتج الطعام العضوي بطريقة تتوافق مع معايير «العضوية» التي تضعها الحكومات الوطنية والمؤسسات الدولية. وقد تتضمن تلك المعايير بنودًا تُلزم المنتجين بمراعاة التوازن البيئي والمحافظة على التنوع الحيوي، وقد تمنع ممارسات مثل استخدام هرمون النمو للمواشي. وكثيرًا ما تُقصى المنتجات التي تحتوي عضويات معدلة وراثيًا.
يترتب على ما سبق، أن إنتاج الأطعمة العضوية مكلف لأن غياب استخدام المبيدات يجعل النباتات عرضة للآفات والإنتاج الحيواني يغدو أقل كمًا، وأكثر كلفة في غياب هرمونات النمو والأعلاف المعدلة، ولهذا فإن المنتجات العضوية ليست في متناول الجميع وهي غالية نسبيًا.
لكن رغم كل ذلك، فإن بعض المنتجات التي يلصق على أغلفتها كلمة “بيو”، لا تكون كلها كذلك، وهو ما خلصت إليه المجلة الفرنسية “60 مليون مستهلك”، حيث قامت بتحليل 74 منتج من الأغذية العضوية “بيو” لمعرفة ما إذا كانت ملوثة بالمواد الكيميائية الموجودة في البيئة أم لا ، وخاصة المبيدات.
والنتيجة: على الرغم من الجهود المعترف بها للمهنيين، إلا أن هذه المنتجات الغالية الثمن لا تفلت من كل الملوثات التي تحيط بنا من كل جانب. فماذا وجدت المجلة مقارنة مع المنتج العادي؟ “بالنسبة للعسل على سبيل المثال، خلال اختبار سابق، وجدنا في المتوسط 6 بقايا للملوثات في العسل التقليدي مقابل 0.3 العسل بيو”، تقول المجلة التي يصدرها المركز الوطني للاستهلاك التابع لوزارة الاقتصاد الفرنسية.
وبالنسبة للشوكولاته، فإن المجلة عثرت في أربعة ماركات بقايا لآثار الملوثات. وتم العثور على أعلى كمية متبقية في الشوكولاته بيو العضوية Lidl (0.033 ملغ / كلغ) ، تليها أقراص Kaoka و Côte d’Or (0.017 و 0.016 ملغ / كلغ على التوالي) و Ethiquable (0.005 ملغ / كلغ).
“على أي حال ، هذه الدرجات هي أقل بكثير من المستويات الموصى بها” تكتب المجلة. وينطبق الشيء نفسه على محتوى الكادميوم في الشوكولاته بمتوسط 0.21 ملغ / كلغ ، أي أقل بكثير من الحد الأقصى (0.80 ملغ / كلغ) المطبقة ابتداء من 1 يناير 2019.
أما بالنسبة لزيت الزيتون، فخمسة من 11 منتج تم تحليلها تحتوي على مخلفات مبيدات منخفضة الجرعة، ربما من الحقول المجاورة. لكن نصفها يحتوي أيضًا على ملوثات (مواد بلاستيكية) ربما تأتي من خطوط التعبئة والتغليف. لكن المجلة أشارت بالبنان للزيت التونسي بشكل خاص، مطالبة بضرورة مراجعة عمليات التصنيع الخاصة بالعلامات التونسية.
ووفقا لـ “60 مليون مستهلك”، نجح العسل في الاختبار: تسعة عينات من أصل اثني عشر اعتبرت خالية من بقايا المبيدات والأدوية البيطرية.
أما بالنسبة للقهوة ، فليس هناك أي أثر للمبيدات في 14 عينة تم اختبارها من 7 بلدان، ولكن مثل جميع أنواع القهوة التقليدية، فإنها تحتوي على مادة الأكريلاميد، وهي مادة تأتي عملية تحميص القهوة والمشتبه في كونها مادة مسرطنة. والتي عثر عليها أكثر بعلاماتي Carte Noire و Auchan Bio. في جميع الحالات ، تبقى المستويات أقل من الحد الجديد البالغ 400 ميكروغرام لكل كيلوغرام المفروض منذ أبريل الجاري. الشيء نفسه بالنسبة للهيدروكربونات العطرية المتعددة الحلقات، المصنفة من المواد المسرطنة المحتملة، والآتية من التحميص والتلوث البيئي: فهي موجودة ولكن لحسن الحظ بكميات منخفضة للغاية.