آخر الأخبارسلايدر

المغرب يعزز ريادته في الطاقة النظيفة باستقطاب استثمار ضخم لإنتاج “وقود الشمس”

 

يخطو المغرب بثبات نحو مستقبل الطاقة المستدامة، حيث أعلنت شركة سينهيليون (Synhelion) السويسرية المتخصصة في التقنية النظيفة عن مشروع استثماري ضخم بقيمة مليار دولار لإنتاج وقود اصطناعي مستدام باستخدام الطاقة الشمسية. هذا المشروع الطموح يعكس المكانة المتنامية للمملكة كوجهة رائدة للاستثمارات الخضراء، ويضعها في صدارة الدول الساعية إلى تطوير “وقود المستقبل”.

يعتمد المشروع على تقنية Sun-to-Liquid (سان تو ليكويد) المتقدمة، التي طورها المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا. هذه التقنية تستخدم مرايا شمسية ضخمة تتبع حركة الشمس لتعكس أشعتها على برج مركزي، حيث ترتفع الحرارة إلى أكثر من 1000 درجة مئوية. تحت هذه الظروف، يتم دمج الإشعاع الشمسي المركز مع الميثان وثاني أكسيد الكربون والماء داخل مفاعل حراري، ما يؤدي إلى إنتاج وقود سائل نظيف مثل البنزين، الديزل، ووقود الطائرات.

المغرب لم يكن اختيارًا عشوائيًا، إذ أكدت الشركة أن المملكة تمتلك موارد شمسية استثنائية، وبنية تحتية صناعية قوية، إلى جانب توفر المواد الخام الأساسية لإنجاح المشروع. وقد تم اختيارها بعد نجاح مشاريع تجريبية للشركة في كل من ألمانيا وإسبانيا.

يستند تمويل المشروع إلى مزيج من القروض البنكية وطرح الأسهم والدعم الحكومي المغربي، إضافة إلى التمويل الأوروبي الذي حصلت عليه الشركة. ويحظى المشروع أيضًا بدعم مجموعة من الشركات العالمية الكبرى، من بينها شركة الطيران الألمانية “لوفتهانزا”، وشركة الطاقة الإيطالية “إيني”، وشركة “أماج” السويسرية لاستيراد السيارات.

تهدف الشركة إلى خفض تكلفة الإنتاج إلى دولار واحد لكل لتر، ما يجعل الوقود الشمسي منافسًا حقيقيًا للوقود الأحفوري، خصوصًا في قطاع الطيران، الذي يسابق الزمن لتقليل انبعاثاته الكربونية. لكن، رغم أن التكنولوجيا أثبتت فعاليتها وسلامتها، يظل التوسع الصناعي وإنتاج الوقود على نطاق واسع تحديًا رئيسيًا يتطلب استثمارات ضخمة ودعمًا حكوميًا مستمرًا.

يأتي هذا الاستثمار في ظل توجه المغرب ليصبح مركزًا عالميًا للطاقة النظيفة، خاصة بعد إطلاق مشروع “نور” للطاقة الشمسية في ورزازات، أحد أكبر المشاريع الشمسية في العالم. كما تسعى المملكة إلى تحقيق هدفها الطموح بتغطية 52% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول 2030.

ويؤكد محللون أن نجاح مشروع “سينهيليون” في المغرب قد يعزز جاذبية المملكة لشركات أخرى متخصصة في الطاقات البديلة، خاصة مع تزايد المنافسة الإقليمية مع دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، اللتين أطلقتا مشاريع ضخمة في الهيدروجين الأخضر.

لا يقتصر دور المغرب على إنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة، بل يتجه الآن إلى دخول سوق الوقود الاصطناعي النظيف، مما يشكل تحولًا نوعيًا في استراتيجيته الطاقية. ومع هذا المشروع، يعزز المغرب مكانته كمركز عالمي للابتكار في الطاقة النظيفة، ويرسّخ موقعه في السباق العالمي نحو مستقبل خالٍ من الكربون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى