منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا (MEA) تستعد للاستفادة من الذكاء الاصطناعي من أجل بناء عالم مترابط
لا يخفى على أحد أن العالم يتطور بسرعة أكبر من أي وقت مضى، بفضل تسارع التقدم التكنولوجي. ويساهم اعتماد التكنولوجيات الجديدة والأدوات المبتكرة إلى زيادة راحة المستخدمين وإعطائهم فرصة للاستمتاع بالمزيد من الوقت وبالحياة وملذاتها البسيطة التي تقدمها.
وتعد إنترنت الأشياء (IoT) نموذجا مثاليا عن ما نتوفر عليه ونسعى للتكيف معه، ومن هذا المنطلق، يحظى الذكاء الاصطناعي (AI) بأهمية متزايدة، وسوف يفتح احتمالات عديدة للوصول إلى عالم مترابط.
وأضحى الذكاء الاصطناعي كلمة أساسية منذ مدة، لكنه أصبح في الوقت الراهن حقيقة لأننا نعتاد ونتكيف بسرعة على سلطته وقدراته ورفاهيته، حيث أصبح له اليوم وجود ملموس بدرجات متفاوتة في العديد من القطاعات الصناعية، لكن المقياس الذي يحتله في حياتنا عليه التطور سريعا.
ومع قدرة التأثير على المجتمع بالموازاة مع خلق فرص اقتصادية، فإن إحدى أهم المميزات التي لا تحظى بالحديث عنها في الذكاء الاصطناعي تبقى هي قدرته على الدفع وتحفيز الابتكار.
وعلى الرغم من أن بعض منافع الذكاء الاصطناعي قابلة للقياس بسهولة، إلا أن بعضها الآخر مثل راحة المستهلك وتوفير الوقت تبقى غير قابلة لذلك بسبب طبيعتها.
لنلقي نظرة على صناعة السيارات اليوم، فإن السيارات ذاتية القيادة تتطور باستمرار وتحظى باهتمام واسع في العالم أجمع، فمن خلال تركيب أجهزة الاستشعار وأنظمة تحديد المواقع العالمية والرادار والكاميرات والرؤية الحاسوبية وخوارزميات التعلم الآلي، تتمكن السيارات ذاتية القيادة من تحسس محيطها والاستجابة وفقاً لتغير ظروفها.
أليس هذا مذهلا؟ إنه مجرد أحد الأمثلة التي تجسد تأثير أو قدرة الذكاء الاصطناعي، ولا ريب أن امتداد التأثير المحتمل للسيارات ذاتية القيادة سيمتد إلى الاقتصادات في نهاية المطاف، بما يتجاوز صناعة السيارات.
وعلى سبيل المثال، فإن الشركات الفاعلة في قطاع الهاتف المحمول يمكن أن تعرف طلباً متناميا من المشتركين الذي يشتغلون كسائقين بعد أن أصبح لديهم حرية التمتع بخدمات الترفيه أثناء السفر، وقضاء وقت أطول على شبكة الإنترنت، ما يسفر بالنتيجة إلى فرصا إعلانية جديدة لمقدمي الخدمات وفرصا جديدة للبيع لشركائهم التجاريين
ويؤدي الذكاء الاصطناعي والثورة الروبوتية إلى إحداث تغيير من حولنا، وأصبحت آثار تقنيات الأتمتة واقعا ملموسا على المستوى الاقتصادي. وارتفع عدد الروبوتات الصناعية على مستوى العالم خلال الأعوام القليلة الماضية بعد أن اتجهت شركات كثيرة حول العالم نحو التركيز على الخدمات الآلية.
وتركز شركة إل جي إلكترونيكس على الخدمات الآلية وتسعى لتحسينها، فطورت روبوت الإرشاد في المطار، وروبوتات تنظيف المطار، ويجوب الأول في المطار ليقدم المعلومات والمساعدة للمسافرين، أما الثاني فيعمل على المحافظة على نظافة ولمعان أرضية المطار إلى درجة لا تصدق. وهكذا تعمل شركات متعددة ومنها إل جي على إظهار مبادرتها لتطوير قطاع الأعمال الروبوتية وتوسيعه باعتباره محرك النمو في المستقبل..
وبالشرق الأوسط يركز الاستثمار في مجال الابتكار على الريادة العالمية، بدلاً من المستهلكين الإقليميين، لكن مع تبني المستهلكين نمط حياة أكثر عصرية وراحة، أضحت التكنولوجيا المفتاح الأساسي وتعزز دورها في هذا التغيير المجتمعي.
وتشير التقارير المتعلقة بالذكاء الاصطناعي إلى أن الشركات الإماراتية تتوقع الاستثمار في التعلم الآلي، وبالمقابل يتوقع للشركات السعودية أن تستثمر على نطاق واسع في حلول الذكاء الاصطناعي المتضمن في المستقبل القريب.
وتتضمن هذه المنطقة بلداناً ذات أوضاع مختلفة جداً، ومع ذلك فإن الإمكانات الكامنة في المنطقة تتعلق ببعض الاتجاهات الرئيسة المميزة التي تتيح لها لعب دور رائد في تبني التكنولوجيات الحديثة والاستفادة منها.
وبحسب التقارير الصناعية، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يرفعمن إنتاجية العمل بنسبة تصل إلى 40 في المائة في أفق سنة 2035، ولن يكون ذلك نتيجة ساعات العمل الأطول، بل يرتبط بابتكار تقنيات تمكن الناس من الاستفادة من أوقاتهم بكفاءة أكبر. ومن المرتقب أن يساهم تبني الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في بلورة منافع واضحة في البلدان المختلفة، مع إطلاق آفاق النمو الاقتصادي، وتحديد معايير جديدة للوضع الطبيعي الجديد كفترة من النمو الاقتصادي المرتفع طويل الأمد.
وعلاوة على النمو الاقتصادي، يمكن أن يتمخض عن اعتماد الذكاء الاصطناعي منافع اجتماعية مهمة، ومن المنتظر أن تقلل المركبات ذاتية القيادة من عدد حوادث السير، والحوادث القاتلة للمرور بشكل كبير، ما يجعل التكنولوجيا إحدى أكبر مبادرات تغيير قطاع الصحة العمومية في تاريخ البشرية
ويمكن للذكاء الاصطناعي من خلال السيارات ذاتية السياقة، أيضا، أن يمنح الاستقلالية للأشخاص الذين لا يستطيعون القيادة بسبب إعاقات معينة، ما يمكنهم من تولي الوظائف التي استبعدوا منها سابقاً، أما للذين يستطيعون القيادة فإن السيارات ذاتية القيادة ستجعل السفر أكثر راحة وتحرر الناس من أعباء القيادة وتحويل الوقت الفائض للعمل أو الترفيه.
وسيصبح نجاح البشر في عملية التكامل بين الذكاء البشري وذكاء الآلة في علاقة تعلم باتجاهين أكثر أهمية من السابق، أما حالياً فالتعليم التكنولوجي ذو اتجاه واحد، إذ يتعلم الناس كيفية استخدام الآلات، إلا أن هذا سيتغير باطراد فتتعلم الآلات من البشر، ويتعلم البشر من الآلات.
وليس بالضرورة أن تقضي الروبوتات على فرص العمل بل ستجعلك تؤدي عملك بصورة أفضل، ما يتيح لك التركيز على الأشياء التي يجيدها البشر، أما الآلات فهي ماهرة في أداء المهام المتكررة، الرتيبة والتركيز لفترات طويلة من الزمن، والبحث في قواعد البيانات الواسعة، ولا ريب أن أتمتة مهام مثل هذه ستكون موضع ترحيب.
وليس لدي أدنى شك، في أن المنطقة توجد على أعتاب فرصة هائلة في مجال الثورة الرقمية. من أجل مستقبل أكثر إنتاجية واندماجا.