نقص حاد في خدمات الطب النفسي للأطفال والمسنين بالمغرب: تقرير المجلس الأعلى للحسابات يكشف الواقع المر

كشف التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2023/2024 عن واقع مرير في القطاع الصحي المغربي، متناقدًا مع التصريحات الحكومية التي تشير إلى تحسن مستمر في هذا المجال. التقرير، الذي ترأسه زينب العدوي، كشف عن نقص كبير في خدمات الطب النفسي للأطفال والمسنين في مختلف مناطق المملكة، مما يعكس تحديات كبيرة في تلبية احتياجات المواطنين الصحية.
وأكد التقرير أن العرض الصحي في مجال الطب النفسي للأطفال يعاني من ضعف حاد، حيث لا يتوفر في معظم الجهات المغربية. وبين التقرير أن المغرب يملك فقط 32 وحدة للطب النفسي للأطفال موزعة بين القطاعين العمومي والخصوصي، إلا أن هذه الوحدات تقتصر في الغالب على مدن الدار البيضاء ومراكش، حيث توجد 13 عيادة خاصة. أما في القطاع العمومي، فهناك أربع جهات فقط (الدار البيضاء سطات، طنجة تطوان الحسيمة، سوس ماسة، مراكش آسفي، والعيون الساقية الحمراء) تحتوي على عدد قليل من الأطباء النفسيين للأطفال، في حين تفتقر باقي الجهات الثماني إلى أي متخصص في هذا المجال.
كما أشار التقرير إلى أن وحدة استشفائية واحدة فقط في المغرب تقدم خدمات الطب النفسي للأطفال، وهي تحتوي على 16 سريرًا فقط، مما يعكس النقص الكبير في هذا القطاع الحيوي. ورغم أن خطط وزارة الصحة والحماية الاجتماعية منذ عام 2012 كانت تهدف إلى توسيع هذا العرض، إلا أن هذه الأهداف لم تتحقق بشكل ملموس، مما يعكس تراكم الإخفاقات في معالجة هذا الملف.
أما فيما يتعلق بكبار السن، فقد أظهر التقرير أن هذه الفئة تمثل 11% من إجمالي الطلب على الرعاية النفسية في القطاع العمومي، وأكثر من 8% من حالات الاستشفاء. ورغم هذه النسبة المرتفعة، فإن العناية بكبار السن تقتصر على مؤسسة واحدة فقط في مستشفى الرازي بسلا، التي توفر 12 سريرًا فقط لمرضى الاضطرابات العصبية الإدراكية. كما أشار إلى أن علاج الاضطرابات النفسية الأخرى لهذه الفئة يتم في مستشفيات الأمراض النفسية الخاصة بالبالغين، وهي مؤسسات لا تتناسب مع احتياجات كبار السن الذين يعانون أيضًا من أمراض جسدية.
ولفت التقرير إلى أن المغرب يواجه تحديات كبيرة في توفير الرعاية الصحية النفسية بشكل عام، حيث بلغ إجمالي عدد الأسرة في القطاع العمومي 2.466 سريرًا فقط، مما يعكس كثافة منخفضة جدًا مقارنة بالمعدل العالمي، الذي يقدر بـ 10.8 سرير لكل 100 ألف نسمة. هذا النقص في الموارد يضع الحكومة أمام تحديات كبيرة لتحقيق الأهداف الموضوعة في مخطط الصحة 2025، الذي يسعى للوصول إلى 10 أسرة لكل 100 ألف نسمة بحلول عام 2025.
وأشار التقرير أيضًا إلى التوزيع غير المتكافئ لهذه الخدمات على المستوى الجهوي، حيث تتركز 48% من الطاقة الاستيعابية للقطاع العمومي في جهتي الدار البيضاء سطات ومراكش آسفي، مما يعكس تفاوتًا كبيرًا في توفر هذه الخدمات بين مختلف المناطق.