مديونية الأسر المغربية.. تحديات أمام القدرة الشرائية والإجراءات الحكومية
تواصل مديونية الأسر المغربية ارتفاعها لتصل إلى مستويات قياسية، حيث حلت المملكة في المرتبة الثانية إفريقياً بنسبة ديون تعادل 30% من الناتج الداخلي الخام، وذلك بحسب تقرير “مالية إفريقيا 2023” الصادر عن البنك الأوروبي للاستثمار. يأتي هذا الارتفاع في المديونية وسط تساؤلات حول مدى فعالية الإجراءات الحكومية في حماية القدرة الشرائية للأسر، في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة وارتفاع التضخم.
وفقاً لتقرير الاستقرار المالي لبنك المغرب، تعاني الأسر ذات الدخل المتوسط، خاصة من يتراوح دخلها بين 4000 و10000 درهم شهرياً، من ضغوط مالية متزايدة تدفعها نحو الاقتراض لتغطية احتياجاتها الأساسية كالسكن والتعليم والرعاية الصحية. ويشكل الموظفون والأجراء نسبة كبيرة من المقترضين، إذ يمثلون 67% من الحاصلين على قروض، وهو ما يزيد من احتمال تعرض هذه الفئات لمشاكل مالية ما لم تُتخذ إجراءات كافية.
ولمواجهة هذا الوضع، أدرجت الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2025 عدة تدابير لدعم القدرة الشرائية وتقليص مديونية الأسر، من بينها رفع الحد الأدنى للدخل السنوي المعفى من الضريبة إلى 40 ألف درهم وتخفيض نسب الضرائب على الفئات الأخرى، مع العمل على تخفيض سعر الضريبة الهامشي من 38% إلى 37%. وتهدف هذه التدابير لتخفيف الأعباء الضريبية عن الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض
في ظل هذه المعطيات، تبدو الحاجة ملحة لتنسيق أعمق بين الحكومة والبنوك لوضع إستراتيجية شاملة تستهدف دعم الاستقرار المالي للأسر وتعزيز قدرتها الشرائية بعيداً عن دوامة الديون، وذلك لضمان نمو اقتصادي مستدام بعيداً عن التأثيرات السلبية لتفاقم المديونية.