الدار البيضاء تحتفي بالمسرح المغاربي: انطلاقة قوية لمهرجان الدار البيضاء الدولي في دورته الثامنة عشرة

انطلقت بمدينة الدار البيضاء، مساء الأربعاء 14 ماي 2025، فعاليات الدورة الثامنة عشرة من مهرجان الدار البيضاء الدولي للمسرح، بحفل افتتاحي استثنائي جمع بين لحظات التأمل الفني والتكريم الإنساني، في أجواء احتفالية تنبض بالهوية الثقافية المغاربية وروح الانفتاح.
وجاء افتتاح المهرجان هذه السنة متزامنًا مع اليوم الوطني للمسرح، ما أضفى عليه رمزية خاصة، خاصة وأنه يتزامن أيضًا مع الذكرى العشرين لتأسيس مؤسسة الفنون الحية، الجهة المنظمة للمهرجان، التي لعبت دورًا بارزًا في دعم الحركة المسرحية والفنية بالمغرب منذ سنة 2004.
حفل الافتتاح، الذي نشطه كل من الممثلة مونية لمكيميل والممثل عادل أبطوراب، عرف حضورًا وازنًا لعدد من الشخصيات الثقافية والرسمية من المغرب وتونس، خاصة أن هذه الدورة اختارت تونس كضيفة شرف، في اعتراف بمكانة مسرحها الجريء والملتزم في الساحة المغاربية والعربية.
في كلمته خلال الافتتاح، عبّر نور الدين عيوش، رئيس مؤسسة الفنون الحية، عن سعادته بالاستمرارية التي يعرفها المهرجان، مشيرًا إلى أن هذه الدورة تضع الشباب والإبداع والتعاون المغاربي في قلب رؤيتها. من جهته، أكد محمد جوهري، المدير العام لشركة الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات، على أهمية المهرجان كفضاء للتبادل الثقافي وتعزيز قيم الحوار من خلال الفن.
وقد شهد الحفل حضور شخصيات بارزة من بينها يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولات الصغرى والتشغيل والكفاءات، وعبد اللطيف معزوز، رئيس جهة الدار البيضاء-سطات، وأسماء بلكزيز، نائبة رئيس الجهة، إلى جانب وجوه من عالم المسرح والإعلام والثقافة.
ومن أبرز لحظات الحفل، تلك التي خُصصت لتكريم رائدتين من رائدات المسرح في المنطقة المغاربية، هما الفنانة التونسية منى نور الدين، التي حظيت بتكريم عن مسيرتها الطويلة وتأثيرها في الساحة الفنية العربية، والممثلة المغربية سعاد خويي، التي تم الاحتفاء بها تقديرًا لإبداعها الفني والتزامها الطويل في خدمة المسرح.
واختتمت الأمسية بعرض مسرحي تونسي مؤثر بعنوان “رقصة سماوية”، من تأليف وإخراج الطاهر عيسى بن العربي. العرض يحكي قصة هالة، المرأة التي تعيش سجينة لمفاهيمها التقليدية عن الأسرة والتضحية، قبل أن تتغير حياتها بعد قراءة رواية يقع قلبها خلالها في حب مؤلفها، الذي يكشف لها عن جمال الشعر من خلال السينما. في رحلة تشبه سلوك الرومي وشمس التبريزي، تكتشف هالة ذاتها من خلال الألم، وتولد من جديد.
ويُنتظر أن يتواصل المهرجان إلى غاية 24 ماي، حيث ستُعرض 12 مسرحية محلية ودولية على خشبات مسرحية متنوعة مثل استوديو الفنون الحية، مسرح محمد السادس، المركب الثقافي لأنفا ومسرح محمد زفزاف. وتتميز برمجة هذه الدورة بالانفتاح المغاربي والتركيز على التبادل الفني كوسيلة للحوار والتحول المجتمعي.
إضافة إلى العروض، تقام ندوات فكرية وورشات تكوينية لفائدة الشباب. من بين الندوات المبرمجة، ندوة “قراءات متقاطعة حول المسرح المغاربي”، وأخرى تحت عنوان “المسرح الملتزم والشعر الفلسطيني: أصوات للمقاومة والإنسانية”. أما الورشات، فتشمل ثلاث ماستر كلاس في مجالات التمثيل، الإخراج والكتابة الدرامية المعاصرة، بتأطير من فنانين مغاربة وأجانب.
مهرجان الدار البيضاء الدولي للمسرح يثبت مرة أخرى مكانته كحدث ثقافي بارز، يعكس غنى المسرح المغاربي ويمنح للجمهور تجربة فنية وفكرية فريدة على مدى أحد عشر يومًا من الإبداع.